إذا كانت رحلة الإسراء والمعراج معجزة إلهية وآية إيمانية ، إلا إنها أيضاً تساهم في رسم النظام الاجتماعي للإسلام الذي يقوم على مراعاة الأخلاق ، ففي هذه الرحلة رأى النبي صلى الله عليه وسلم صوراً عديدة لأخلاق ذميمة من شأنها أن تهدم المجتمعات وتدمر الحياة ، فالأخلاق في الإسلام لا تحدد سلوك الفرد فقط بل هي صمام أمان للمجتمع واستقراره، فماذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة العظيمة :-



أمسك عليك لسانك
* رأى النبي صلى الله عليه وسلم" أقواما تقرض ألسنتهم بمقارض من حديد ، كلما قرضت عادت كما كانت ، قال ما هذا يا جبريل ؟ قال : هؤلاء خطباء الفتنة ، يقولون ما لا يفعلون .
* ورأى النبي صلى الله عليه وسلم حجرا صغيرا يخرج منه ثور عظيم ، ويريد الثور أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع ، قال : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ثم يندم عليها فلا يستطيع أن يَرُدها .
ورأى قوماً أظفارهم من نحاس يخدشون بها وجوههم وصدورهم ، قال : ما هؤلاء ؟ قال جبريل : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم صلى الله عليه وسلم أي يغتابوهم ).
ورأى قوماً تقطع لحومهم من جنوبهم وتُطْعَم لهم كرهاً ، فلما سأل قيل له : هؤلاء هم الغَمّازون واللمّازون .
كل هذه الصور تدل على خطورة اللسان ، فاللسان أكثر الأعضاء حركة وأكثرهم خطئاً وخطراً ، لذلك حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم منه فقال وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم ، وقال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " ، وقال : من ضمن لي ما بين فخذيه وما بين لحييه أضمن له الجنة
فلا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم" لا تغتابوا المسلمين و لا تَتَّبعوا عوراتهم فإنه من تَتَّبع عورة أخيه المسلم فضحه الله ولو في عقر داره "
احذر الفواحش ما ظهر منها وما بطن
وفى رحلة المعراج رأى النبي صلى الله عليه وسلمصوراً من الذنوب والآثام وأشكالاً من الفواحش والحرام إذا ارتُكبت نزل غضب السماء وارتفعت البركة من الأرض ومن ذلك :
* رأى النبي صلى الله عليه وسلمأخونة صلى الله عليه وسلم منضدة ) عليها لحم طيب وليس عليها أحد ، وأخرى عليها لحم نتن وعليها أناس يأكلون ، قال جبريل : هؤلاء الذين يتركون الحلال ويأكلون الحرام . صلى الله عليه وسلم أي يتركون الكسب الحلال ويأخذون الكسب الحرام بالظلم والسرقة والغش والربا والاتجار في المحرمات
هؤلاء الذين يتركون الحلال من الأقوال إلى الفحش من الكلام السيئ .
هؤلاء الذين يتركون الحلال من الأزواج والزوجات ويفعلون الحرام مما لم يحله الله .
هؤلاء الذين يتركون الحلال الطيب مما أباحه الله إلى الحرام من الخبائث مثل الخمر ولحم الخنزير .
هؤلاء الذين يتركون الحجاب والحشمة والعفة التي أمر الله بها إلى العرى والتعرض إلى أعين الذين في قلوبهم مرض .
هؤلاء الذين يتركون الحلال النافع الصالح من شرع الله إلى الحرام واتباع الأهواء والقوانين الوضعية .
* وأتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج في قدر طيبة ، ولحم نيئ في قدر خبيثة ، فجعلوا يأكلون من النيئ ويتركون النضيج ، قال جبريل : هذا الرجل من أمتك تكون عنده المرأة الحلال الطيب فيأتي امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح ، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالاً طيباً فتأتى رجلاً خبيثاً فتبيت عنده حتى تصبح .
* ورأى النبي صلى الله عليه وسلم نساء تعلقن من ثدييهن فقيل له : هؤلاء الزناة
هاتان صورتان المقززتان تتكلمان عن الزنا قال تعالى : " {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }الإسراء 32 .
فاحشة تؤدى إلى الخراب والأمراض والقتل في الدنيا ، وتؤدى إلى سوء العقاب في النار يوم القيامة .
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخبث قيل : وما الخبث ؟ قال : الزنا وولد الزنا .
فاحذر أخي واحذري أختي أن ينالك عذاب النار بسبب شهوة أو نزوة تزول ولكن يبقى أثرها و لا تفلت من عقابها .
إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة
وأتى النبي صلى الله عليه وسلم على رجل قد جمع حزمة حطب عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها ، وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم: هذا الرجل من أمتك تكون عنده أمانات الناس لا يقدر على أدائها وهو يريد أن يحمل عليها .
ولقد شدد الإسلام على حفظ الأمانات وحسن أدائها قال تعالى " إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) النساء 58 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إيمان لمن لا أمانة له و لا عهد لمن لا دين له
وحذرنا فقال : يُرفع لكل غادر لواء يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان بن فلان .
فاحذر أن تكون ممن يضيع الأمانة فتُفضح فى الدنيا والآخرة .
إياك أن تأكل النار
* وأتى النبي صلى الله عليه وسلم على قوم مشافرهم كالإبل يلتقمون حجراً فيخرج من أسفلهم ، قيل للنبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً
ومن أشد الأمانات عند الله أموال اليتامى لأن اليتيم ضعيف وظلم الضعيف أشد جرماً عند الله يقول تعالى " {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً }النساء10 ، صلى الله عليه وسلم وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) الأنعام152
أم الخبائث
وفى أول الرحلة قال رسول الله صلى الله عليه وسلمعندما كنت في المسجد الأقصى جاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن فأخذت اللبن فقال جبريل : أصبت الفطرة " فالإسلام دين الفطرة السوية الطاهرة النقية ، أما الخمر فهي أم الخبائث وسبب كل معصية وجريمة ومهدرة للأموال ومذهبة للكرامة ومؤدية إلى الفواحش وسبب إلى أمراض مهلكة وفوق ذلك فإنها مغضبة لله ورسوله لأنها سبيل الشيطان إلى كل شر قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ }المائدة90 – 91
هكذا أخي المسلم أختي المسلمة
رأينا هذه الرحلة العظيمة والمعجزة الجليلة فيها من الآيات والدلائل الكبرى التي تدلنا على طريق الرحمن وتحذرنا من طريق الخسران واتباع خطوات الشيطان ، فكن من أتباع الرحمن تفوز في الدنيا والآخرة ، و ولاتكن من اتباع الشيطان فتخسر في الدنيا ويكون مصيرك في الآخرة النيران .
يقول تعالى فَأَمَّا مَن طَغَى{37} وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا{38} فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى{39} وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى{40} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى{41} النازعات







This entry was posted on 12:32 ص and is filed under . You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

0 التعليقات: